يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط كوكيز لضمان تجربة جيدة عند التصفح
أوافق
تقرير تحليلي عن اغلب اراء ووجهات النظر حول قرار المحكمة العليا اعادة تفعيل الدائرة الدستورية
المصدر : المركز الليبي للدراسات الاستراتيجية

قررت المحكمة العليا في ليبيا إعادة تفعيل الدائرة الدستورية المجمدة منذ عام 2016، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين قراراً صائباً سيسهم في حل الخلافات القانونية والدستورية بين أطراف النزاع السياسي، خصوصاً في ما يتعلق بالجدل الانتخابي، بينما رآها آخرون بداية لمرحلة جديدة من الخلافات التي سيجر إليها القضاء، كما ستطيل انتظار الليبيين للانتخابات حتى يتم الفصل فيها. أعلن رئيس المحكمة العليا المستشار محمد الحافي، الخميس الماضي إعادة تفعيل الدائرة الدستورية المغلقة منذ 2016، وقال في بيان إن “الدائرة الدستورية تعاهد الليبيين على أنها لن تنحاز لأي طرف من الأطراف، وستعلي شأن الوطن والمبادئ والقواعد الدستورية المقررة. وجاء ذلك بعد ما اقر مجلس النواب في جلسة يوم الثلاثاء الماضي تعديل قانون المحكمة العليا المقدم من المحكمة بحيث يتم أداء اليمين القانونية من قبل مستشاري المحكمة أمام مجلس النواب ،و أقر ايضا مجلس النواب اعتمد القرار الصادر عن هيئة رئاسة المجلس بشأن تعيين عدد من مستشاري المحكمة العليا. وبخصوص هذا القرار جاءت ردود فعل كثيرة ما بين مؤيد للقرار ورافض له ففي أول رد فعل على إعادة تفعيل الدائرة، أعلن رئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة مباركته القرار قائلا : نبارك قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا بعودة تفعيل الدائرة علها تكون رادعاً للتجاوزات التي تمارس من الأطراف والقرارات المخالفة للاتفاق السياسي باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة. كما أشاد حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لـجماعة الإخوان في ليبيا بالقرار، معرباً عن أمله بـإسهام هذه الخطوة المهمة في صون المسار الدستوري للوصول إلى انتخابات حرة نزيهة وشفافة مبنية على أسس قانونية صحيحة. وأيد المجلس الأعلى لحكماء وأعيان ليبيا القرار، معتبراً إياه استجابة لمطالب الشعب وإبعاداً لشبح الحرب بالتوجه مباشرة إلى المحكمة الدستورية لحل الخلافات السياسية، وقبول ما يصدر عنها من قرارات للمحافظة على اللحمة الوطنية ووحدة البلاد. رأى عضو مجلس النواب خليفة الدغاري أن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون وبتها خطوة بالاتجاه الصحيح لإعادة هيبة القضاء والحد من تجاوزات الإعلان الدستوري والقانون وإعادة النظر في كثير من القوانين والقرارات المعيبة التي صدرت بما يخالف القوانين النافذة. وقال عضو مجلس الدولة الاستشاري عبد الرحمن الشاطر إن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية مطلب شعبي نادى به العديد من الساسة والنخب. ورحب ايضا عضو مجلس النواب المنقطع عن جلسات مجلس النواب زياد دغيم بقرار تفعيل الدائرة الدستورية قائلا بان هذا القرار سينسف قرارات النواب الأحادية لن يبق لدينا إلا مرجعية خارطة الطريق والاتفاق السياسي حسب تعبيره. وفي ذات السياق أشار الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد المنعم الحر إلى أهمية القرار الذي اتخذته المحكمة العليا، قائلاً : إنه يجري العمل من جانب غالبية النظم القانونية الوطنية على أن يباشر القضاء الدستوري دوره في الرقابة الدستورية بشكل عام أو في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها ، ونبه الحر إلى أنه يمكن للقضاء الدستوري أن يستخلص حقوقاً جديدة لم ينص عليها صراحة في الدستور انطلاقاً من الاقتناع بلزومها للتطور الديمقراطي وإعمالاً لمبدأ سيادة القانون. وهناك جانب آخر من المراقبين والمحللين والمهتمين بالشأن السياسي حذر من التهويل في أهمية تفعيل الدائرة الدستورية ومآلات القرار واعتباره الحل المفقود للأزمة الليبية الشائكة وتعقيداتها. حيث رهن مستشار مجلس الدولة السابق صلاح البكوش جدوى إعادة تفعيل الدائرة الدستورية بطبيعة القضايا التي ستنظر فيها خلال الفترة المقبلة، وتساءل هل قرار الجمعية العامة للمحكمة العليا بفتح الدائرة الدستورية أمر يمكن أن نفرح به، أم حيلة من الفاعلين السياسيين لإنقاذ أنفسهم في مواجهة قرارات مجلس النواب بشان تعيين عدد من مستشاري المحكمة العليا ، موضحاً أن طبيعة القضايا التي ستنظر فيها الدائرة أولاً والقرارات ذات الصلة ستجيب عن ذلك السؤال. من جانبه قال وزير العدل الأسبق محمد العلاقي : كم كانت فرحتنا كرجال قانون كبيرة وعظيمة بإعادة تفعيل الدائرة الدستورية، غير أن هذه الفرحة لم تدم طويلاً حين قفز إلى أذهاننا تساؤل مهم: ترى ما الجديد في الموضوع؟ بما أن الأسباب التي بموجبها علق العمل بنظر الطعون الدستورية لا تزال قائمة، بل إنها أسوأ بكثير من الظروف التي قررت فيها المحكمة العليا وقف نظر الطعون الدستورية. وقلل رئيس الهيئة العليا لـحزب تحالف القوى الوطنية توفيق الشهيبي ، من أهمية إعادة تفعيل الدائرة باعتبار أن كل الأجسام السياسية التي ستناقش نزاعاتها فقدت شرعيتها، على حد قوله. وأبدى رئيس حزب الحركة الوطنية مصطفى الزائدي خوفه من أن يكون الهدف من قرار إعادة الدائرة الدستورية هو تعطيل الانتخابات، وأضاف أن إعادة الدائرة الدستورية هدفها تعطيل الانتخابات بحيث ستكثر الطعون في القوانين. كما وقالت عضو مجلس الدولة الاستشاري نعيمة الحامي ان قفل الدائرة الدستورية بـ المحكمة العليا هو إنكار للعدالة، ونحن في مجلس الدولة طالبنا بتفعيلها ، وهو مطلبا شعبيا أيضاً، فقد نظمت وقفات احتجاجية من مؤسسات المجتمع المدني والحراك المدني للمطالبة بتفعيلها، متسائلة عن نوايا رئيس المحكمة العليا محمد الحافي بفتح الدائرة الدستورية فإذا جاء هذا القرار من أجل النظر في الطعون، خاصة الطعون العاجلة الخاصة بـ الانتخابات و الدستور لحل الأزمة، فنحن نرحب بهذا القرار ، أما إذا كان رد فعل على قرار مجلس النواب بتعيين 45 مستشارا بالمحكمة العليا، فنحن الآن في انتظار حرب باردة بين القضاء ومجلس النواب. والجدير بالذكر حول هذا الموضوع فان هناك من ابطل صحة القرار واعتباره قرار سياسيا ، فلقد تعجب المستشار السابق بالمحكمة العليا جمعة الزريقي، من قرار إعادة تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعد إغلاقها قبل سنوات من قبل القضاة أنفسهم وتأجيل النظر في القضايا، واصفًا ذلك بـالسابقة الخطيرة ، وأضاف: إذ يقوم القضاة أنفسهم بوقف السلطة القضائية عن ممارسة اختصاصها في الرقابة الدستورية على القوانين، متسائلاً: هل وراء هذا القرار من أمر لم يفصح عنه؟. كما وأعرب المرشح البرلماني ووكيل وزارة التعليم في حكومة الثني عبدالرحيم البركي عن مخاوفه بشأن تسييس القضاء بعد تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها ، حيث كتب البركي على تويتر قائلًا: القضاء الليبي في المحك، تسييس أم نزاهة، آخر نطفة للدولة إما أن تعيش أو أن تموت على حد تعبيره. كما وقال عضو مجلس النواب المبروك الخطابي إن رفع التجميد عن عمل الدائرة الدستورية هو بداية فصل جديد من الأزمة ومحاولة لإدخال القضاء من جديد كطرف رئيسي في الصراع على غرار ما حدث عام 2014 حينما تم استغلالها. فلقد ذكر الخطابي وفي تصريحات صحفية أن حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد منذ 8 سنوات أدخلتنا في متاهة الحوارات الدولية والتدخلات الخارجية السافرة ما هي إلا نتيجة حكم قضائي صدر من المحكمة العليا استغله المؤتمر الوطني آنذاك وفسره على هواه من أجل العودة للمشهد ومنازعة البرلمان في سلطاته حسب تعبيره. ومن جانبه أكد عميد كلية القانون السابق في جامعة بنغازي محمد الفلاح، أن تفعيل الدائرة الدستورية يجب أن يكون وفقاً للقانون رقم ستة لعام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين بشأن تنظيم المحكمة العليا وهو القانون الذي ينص على أن تصدر القرارات بأغلبية الأعضاء، وأوضح الفلاح في تصريحات صحيفة إلى أن المعلومات تفيد بأن النصاب القانوني لاجتماع الجمعية العمومية للمحكمة العليا لم يكن مكتملاً وهو ما يجعله باطلا قانونيا ، وان هناك محاولات لاستغلال الدائرة الدستورية في أمور قانونية وقد تكون سياسية مثل الانتخابات ، واعتبر ان تفعيلها في هذه الفترة غير مناسب بسبب هشاشة الوضع السياسي. وايضا قال عضو مجلس الدولة الاستشاري محمد معزب إن هناك بعض الطعون المقدمة بخصوص قوانين وتعديلات دستورية صدرت من مجلس النواب قد تبت فيها المحكمة الدستورية، أما الأزمة الحالية فهي سياسية ولا علاقة للقضاء بها ، موضحا أن الوثيقة الحاكمة للمرحلة الحالية حتى إجراء الانتخابات الاتفاق السياسي والاتفاقات التي تمت تحت مظلة الأمم المتحدة، وهي شأن سياسي بحت لا يملك القضاء البت فيها. واعتبر رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة يوسف الفارسي أن قرار تفعيل الدائرة الدستورية، في هذا التوقيت بعد يومين فقط من تعيين 45 عضوا جديدا فيها استباقا لحلفهم اليمين الدستورية هي محاولة مكشوفة من تنظيم الإخوان لضرب القضاء وإقحامه في الملفات السياسية. وقال عضو مجلس النواب عبد السلام نصية ، إن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية سيؤدي إلى تعقيد الأمور وزيادة الأزمة التي تمر بها البلاد ، مضيفا أن القضية الليبية ليست قانونية بل سياسية بامتياز، والقضاء أمام تحدٍ كبير، فإما أن يختاروا بين طريق السياسيين والمسلحين، أو أن يحافظوا على حيادية القضاء. ومن الناحية القانونية صرحت عضو لجنة الحوار بالاتفاق السياسي المحامية امال بوقعيقيص عن الجدل بشأن قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا بإستئناف عمل الدائرة الدستورية من جديد حيث أن مجلس النواب قد أخطر رئيس المحكمة العليا بوصوله سن التقاعد وبالتمديد له فقط في وظيفة مستشار بالمحكمة دون الرئاسة ، فأن جلسة الجمعية العمومية هي جلسة معدومة والقرار الصادر عنها معدوم لأن رئيس الجلسة وصاحب الدعوة لإنعقادها فقد الولاية للرئاسة ومن المعلوم أن القانون يبيح تجاهل القرار المعدوم واعتباره كأن لم يكن والمضي قدماً دون الحاجة للطعن فيه أمام أية محكمة ، والآن ليس على مجلس النواب إلا أن يدعو السادة المستشارين الجدد لحلف اليمين القانونية أمامه وفقا للتعديل الصادر عنه ثم يتم أختيار الرئيس الجديد للمحكمة العليا طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانونها الخاص وقانون مجلس القضاء الأعلى وبعد ذلك المحكمة وشأنها في تقدير مدى ملائمة فتح الدائرة الدستورية من عدمه. واوضح ايضا رئيس لجنة العدل بمجلس النواب عبد الهادي الصغير انه في شهر مايو 2021 وصلت مراسلة من رئيس المحكمة العليا محمد الحافي الى مجلس النواب يطلب فيها تعيين 39 عضو محكمة جددا لوجود متقاعدين ومرضى وغيرهم، لذا استند المجلس في قراره الاخير إلى رسالته ، وهناك رسالة أخرى من رئيس المجلس الأعلى للقضاء موجهة للبرلمان بضرورة إضافة 4 أشخاص للقائمة، ما يؤكد أن إجراء جلسة مجلس النواب الأخير صحيحة قانونيا وقضائيا وعلل تصرف رئيس المحكمة باصدار القرار تفعيل الدائرة الى انه يريد البقاء في منصبه رئيسا للمحكمة العليا رغم وصوله إلى سن التقاعد، وكان عليه تطبيق القانون والتقاعد. وقال عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي إن تفعيل الدائرة الدستورية إجراء غير قانوني لأن محمد الحافي لا يحمل صفة رئيس المحكمة العليا بل هو ممثل قانوني يتولى تسيير مهام المحكمة إلى حين تعيين رئيس لها، كما أن الحافي لم يكن سيخرج بهذه القرارات لولا دعم رئيس الحكومة المنتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة له حسب اقواله. واخيرا فلقد أنهى المجلس الأعلى للقضاء الجدل القانوني حول قرار تسمية أعضاء بالمحكمة العليا وما نتج عنه من بطلان عقد الجمعية العمومية لها ، حيث أكد المجلس صحة قرار مجلس النواب قبل أيام بتعيين المستشارين في المحكمة وهو ما يبطل انعقاد الجمعية العمومية للمحكمة بدون حضور هؤلاء المستشارين المعينين، إضافة إلى بطلان ما ترتب عن ذلك الانعقاد الباطل كقرار إعادة تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ‘ وخاطب رئيس المجلس الأعلى للقضاء مفتاح محمد القوي رئيس المحكمة العليا محمد الحافي، مؤكداً صحة قرارات مجلس النواب بتعيين أعضاء جدد في المحكمة العليا وأشار القوي إلى أن من طلب من رئيس مجلس النواب تعيين عدد 39 مستشاراً للعمل بالمحكمة العليا هو الحافي وفق كتابه المؤرخ في مايو 2021 المرسل إليه ولم يفعل ذلك المجلس الأعلى للقضاء كما جاء بكتاب الحافي