ألقى القائد العام للقوات المُسلحة العربية الليبية المُشير أركان حرب خليفة ابوالقاسم حفتر خلال زيارته إلى مدينة هون يوم أمس الاثنين، وسط استقبال شعبي كبير من مشائخ وأعيان وآهالي مُدن بلدية الجفرة
جاء فيها :
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم ومن والاه.
أدعوكم أيها السادة الكرام، للوقوف وقراءة الفاتحة، ترحماً على شهدائنا الابرار، والدعوة لهم بالرحمة والمغفرة.
أيها الاخوة الأعزاء،،،
أهلنا وأشقاؤنا في الجفرة الشموخ، والنخوة والشهامة وعزة النفس، وقدوة الليبيين في التماسك والترابط الاجتماعي، الجفرة التي ما أن يذكر اسمها، حتى يشعر الليبيون الشرفاء، بالقوة والأمان، وبالفخر والكبرياء، وتطمئن نفوسهم بأن ليبيا ستظل أبدا عصية على المعتدين، وترتجف مع ذكرها أبدان الخونة والعملاء من الذعر والخوف، الجفرة التي سجلت في التاريخ فصولا مشرفة من الجهاد ضد المستعمرين، وقاومت الحكم العثماني المتخلف الجائر البغيض، وقدمت قو افل من الشهداء، فداء للوطن. وستبقى أبدا، المركز الصلب، الذي تستند عليه أعمدة الوطن وأركانه.
أحييكم وأشكركم على هذا الترحيب الحار، الذي يعزز في نفوس ضباط وجنود قواتكم المسلحة، الشعور بالثقة، لأنهم لا يستمدون قوتهم مما في أيديهم من ذخيرة وسلاح، بل من هذا الدعم الشعبي الواسع. فهذا هو سلاحنا الحقيقي، وهذا هو سر انتصاراتنا، فلولا وقوف الشعب وراء جيشه لما، هزم الإرهاب، ولما استطاع الجيش أن يعيد الأمن والاستقرار، إلى هذه الرقعة الواسعة من ليبيا العزيزة
أيها الأخوة الأعزاء،،
لعلنا نقترب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من وضع النقاط على الحروف، واتخاذ القرار الحاسم، بإرادة شعبية خالصة، لتحديد المسار نحو استعادة الدولة، وبناء مؤسساتها، بعيدا عن أي إرادة أو توجيه، إلا إرادة وتوجيه الشعب الليبي، بعد أن أثبتت النتائج المخيبة للآمال، أن كل المسارات السابقة، قد وصلت بنا إلى طريق مسدود.
ولم يعد بوسعنا إلا الاعتماد على أنفسنا، لتقرير مصيرنا بإرادتنا الحرة، مع كامل تقديرنا لكل الجهود المحلية والدولية، الصادقة في دعم الشعب الليبي، لتجاوز أزمة بلاده، والمضي فدما في بناء دولته.
أيها السادة الكرام،،
لقد اثبتت التجارب، المتنوعة شكلا والمتكررة مضمونا، أن أي توجه للحل الشامل، وأي مبادرة أو خارطة طريق، تتجاهل ضرورة قبولها من الشعب الليبي، أو لا تكون من الأساس صادرة عنه، لن يكتب لها النجاح، ولن يترتب عنها إلا إضاعة الوقت والجهد، وتفاقم الأزمة والمعاناة، من مبدأ أنه لا نيابة في تقرير المصير.
وقد علمتنا التجارب القاسية، خلال السنوات العشر الماضية، أن فرض النيابة في تقرير المصير، يعني السير في طريق مسدود، ولا يؤدي إلا إلى المواجهة مع الشعب، وتحدي إرادته، ومن يجرؤ على مواجهة إرادة الشعب، والتصدي لها، يكون من البداية قد حكم على نفسه بالهزيمة.
ومن هنا فإن القيادة العامة، عازمة على مواصلة حث الشعب الليبي، وقواه الوطنية الحية، على التمسك بحق تقرير المصير، وعدم الاعتماد على أي أجندات أو إملاءات من أي طرف، لفرضها على إرادة الليبيين.
ولن يقبل الشعب الليبي، الذي صبر طويلا وضحى كثيرا، أن تجني ثمار صبره وتضحياته، فئة تضع مصالحها فوق مصلحة الوطن.
وفي الوقت الذي نشيد فيه بالقرارات الأممية، التي تدعم الشعب الليبي، في تمسكه بمبدأ السيادة الوطنية، وفي المسار الذي يختاره لبناء دولته ومعالجة قضاياه، نرحب بالمبعوث الاممي الجديد، ونتمنى له التوفيق والنجاح
ولا يفوتنا أن نذكره بما تعهد به، بأنه لن يتبنى أو يدعم أي مبادرة لحل الازمة الليبية، إلا إذا كان مصدرها هو الشعب الليبي نفسه، صاحب المصلحة الأول والأخير، ونكبر فيه هذا الموقف.
ونرى أنه من واجبنا تسهيل مهامه، إذا ما لمسنا في مساعيه، الجدية والإخلاص، والصراحة والشفافية، والانحياز التام لمصلحة الشعب الليبي، والالتزام بما تعهد به، وعدم التأثر بالضغوط الخارجية مهما بلغ حجمها، لكننا بحاجة أيضا لأن ننبه، بأن المشهد الليبي اليوم، يختلف عن ما كان عليه بالأمس، فقد بدأ يشهد حراكا شعبيا يتنامى يوما بعد يوم، لامتلاك زمام المبادرة، وأن الشعب قد بدأ يعد العدة، من أجل التغيير الجذري، بالأسلوب الذي يراه يحقق أهدافه وغاياته النبيلة، لا يراعي في ذلك إلا مصلحته وسلامة وطنه، حاملا راية السلام في إحدى يديه، وفي الأخرى مشروعه الجاد نحو بناء دولته.
وعليه، فإن الوقت لم يعد في صالح أي طرف، يسعى لإدارة الازمة دون حلها، بهدف إطالة عمرها، بالمبادرات المشبوهة، والمسارات المغلقة، والتمديد بحجج واهية، لا تهدف إلا لبقاء الحال على ما هو عليه، ليستمر الفساد والعبث بمصير البلاد، ويواصل عبدة كراسي السلطة، البقاء في مواقعهم، ليس لهم من غاية، إلا نهب أموال الشعب.
لن يقبل الشعب الليبي ان يلدغ من جحر مرات ومرات، وقد آن الأوان أن يقول كفى عبثا واستتارا، أن يقول لمن أحسن في نواياه وأخفق: شكر الله سعيكم. ولمن أفسد واستهان بقوة الشعب، وسخر من قدرته على تولي زمام أمره بنفسه، وتعمد الإساءة إليه، واستغل منصبه لينهب أموال الشعب، ويعيق مسيرته إلى الامام، أن يقول له: لن تفلت من العقاب ولن تسمح القوات المسلحة، مهما كلفها من جهد وعناء، أن تتم المساومة على تضحياتها وعلى دماء شهدائها وجرحاها، ولن تسمح أن يستمر هذا العبث المخجل بمصير الوطن.
ولن تسمح بالتفريط بشبر واحد من ترابه الطاهر، أو أن تصبح أراضيه مرتعا للقوى الاستعمارية الغاشمة، التي تسعى لتوسيع نفوذها، على حساب سيادة الليبيين فوق أرضهم، وتعالج أزماتها المتفاقمة من ثروات الليبيين. وسنحرص على الموت أكثر من حرصهم على الحياة، من أجل أن تبقى ليبيا العزيزة، حرة أبية، ومن أجل أن نحمي حدودها، برا وبحرا وجوا، بأرواحنا ودمائنا، فهذه الأرض هي العرض لنا
أيها السادة الكرام،،
إن كل شبر من حدود ليبيا، ومن ترابها الطاهر، هو خط أحمر، أمام الإرهاب، وأمام المطامع الاستعمارية، وإذا ما فشلت كل المساعي السلمية، بعد منحها ما تستحق من دعم ووقت، لخروج القوات المحتلة من أراضينا، فليس أمامنا من خيار، إلا أن نخوض المعركة الفاصلة من أجل التحرير، مهما من ثمن، ومهما استغرقت من وقت، نخوضها دون تردد، بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، وإصرار على العيش بكرامة وكبرياء فوق ارضنا.
ولسنا بهذا ندعو إلى الحرب، بل نحن دعاة سلام، دعاة تعاون بين الشعوب، بما يحقق لها التقدم والازدهار، دعاة علاقات عمادها الاحترام وحسن النوايا، والمصالح المشتركة، لكن الداعي إلى الحرب، هو من أنزل عساكره ومرتزقته فوق ارضنا، طمعا في ثرواتنا، مستغلا ما تمر به بلادنا من ظروف طارئة، ليبرم صفقات العار مع الخونة والعملاء، الذين باعوا وطنهم وشرفهم من أجل السلطة والمال.
أما نحن الليبيين الشرفاء، فلا تسمح لنا أخلاقنا، ولا شرفنا العسكري، ان نعتدي على أرزاق الاخرين، أو أن يسيل لعابنا إلى ما في جيوبهم من مال، لأننا أرفع شأنا وأكبر قدرا من ذلك، وقد ورثنا عن أجدادنا منذ زمن سحيق، الأنفة وعزة النفس، ولا تسمح لنا ضمائرنا الحية، ودماء شهدائنا وجرحانا، أن نبيع الوطن، مقابل ما في الدنيا من كنوز، وما تعرضه من جاه وسلطان.
أكرر لكم التحية، وأدعو الله أن يوفقنا إلى ما فيه الخير، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته